بسم الله الرحمن الرحيم
بقدر ما أولى القرآن الكريم مفهوم العدالة من أهمية بالغة، نهى المسلمين عن أدنى مراتب الظلم والجور، فقال تعالى: {لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}البقرة:279؛ لأن الظالم والمظلوم مسؤولان في الآخرة عن أعمالهما
بقدر ما أولى القرآن الكريم مفهوم العدالة من أهمية بالغة، نهى المسلمين عن أدنى مراتب الظلم والجور، فقال تعالى: ﴿لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾البقرة:279؛ لأن الظالم والمظلوم مسؤولان في الآخرة عن أعمالهما حينما يقفان أمام الباري عزّ وجلّ، فقال تعالى في هذا الخصوص: ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾الأنعام:21، و﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾البقرة:194.
وعليه، فلا بدّ لنا من تسليط الضوء على معنى مفردة "الظلم" المضادّة لكلمة "العدل".
معنى الظلم
الظلم في اللغة بمعنى الظلام والشقّ الحاصل في الأرض، كما أنه يعني "وضع الشيء في غير موضعه".
وقال الراغب في الظلم: "والظلم يقال في مجاوزة الحقّ الذي يجري مجرى نقطة الدائرة، ويقال فيما يكثر وفيما يقلّ من التجاوز؛ ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفى الذنب الصغير؛ ولذلك قيل لآدم في تعديه: ظالم، وفى إبليس: ظالم، وإن كان بين الظالمين بون بعيد".
وقال ابن فارس في معنى الظلم: "الظاء واللام والميم أصلان صحيحان، أحدهما خلاف الضياء والنور، والآخر وضع الشيء غير موضعه تعدياً".
وقال مؤلفو "الموسوعة الفقهية" في هذا المجال: "الظلم يعني الجور وتجاوز الحدّ، وهو عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه، وفسّر هؤلاء الظلم في الشرع بالتعدّي من الحقّ الى الباطل".
أقسام الظلم
أما من وجهة النظر القرآنية فمردّ الظلم الى ثلاثة أقسام:
الأول: ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه الكفر والشرك والنفاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾لقمان:13. وقال: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾هود:18+19.
الثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾الشورى:40.
وقوله: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾الشورى:42.
الثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾فاطر:32. وقوله:﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾النمل:44.
وكلّ هذه الأقسام الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس، فإن الإنسان في أول ما يهمّ بالظلم فقد ظلم نفسه؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾البقرة:57.
إذن، للظلم في مفهومه الإسلامي أبعاد واسعة جداً؛ فهو يشمل العلاقة بين الإنسان والله تعالى، وعلاقته بالناس وبنفسه، بالإضافة إلى العلاقة بين الأمم والشعوب المختلفة. وكلا المعنيين اللغويين للظلم - الظلمة في مقابل النور، ووضع الشيء في غير موضعه - يصدقان على الموارد المذكورة.
للظلم مفهوم واسع
ومن هنا، فالظلم ذو مفهوم أوسع من التجاوز والاعتداء؛ إذ يشمل كلّ نوعٍ من الأعمال التي تضيع حقاً من الحقوق بنحو من الأنحاء. فالظلم والعدل وجهان مختلفان للتعاطي مع الحقّ؛ لأنّ كلّ علاقة تنطوي على الحقّ، فمراعاتها هي العدل وانتهاكها عبارة عن الظلم.
هذا، وقد تطرقت عُشر الآيات القرآنية إلى موضوع الظلم بصورة مباشرة وغير مباشرة، فوردت مفردة "الظلم" ومشتقاتها في أكثر من (290) آية قـــــرآنية، وتناول زهاء (350) آية الحديث في هذا المجال بصورة صريحة ومباشرة.
آثار الظلم
كما أن القرآن الكريم كشف للإنسان في أكثر من آية قرآنية بأنّ لكلّ نوع من الظلم انعكاساً على الظالم أو المظلوم، وأنّ قبول الظلم والخنوع له من الكبائر كالقيام بعملية الظلم، وأنّ سبيل الظلم هو سبيل الهلاك، وانّ الظلم والجور في نهاية المطاف يقضي على القيم البشرية، ويحرم الأمم والشعوب من مكتسبات حضارتها وثقافتها، ويغلق على الانسان طريق الإنابة والعودة، ولا شيء بوسعه سدّ الفراغ الحاصل من الظلم، وأنّ الله تبارك وتعالى لا يظلم عباده قطّ، وإنما الانسان هو الذي يهيء الأرضية بعمله لظلم نفسه، وسيأتي اليوم الذي لا يوجد فيه أثر للظلم والجور، وأنّ الله منزّه عن أي لون من ألوان الظلم لعباده.
كما أكد القرآن الكريم على أنّ التعرض للظلم من وسائل الدفاع المشروع، وأنّ النصر لن يكون حليف الظالمين أبداً، وأنّ الاعتداء على الظالمين من موارد الاعتداء المشروع، وأنّه لا ناصر ولا معين للظالمين، وأنّ عاقبتهم عبرة للآخرين، وأنّ الله ليس بغافل عن أعمال الظالمين
بقدر ما أولى القرآن الكريم مفهوم العدالة من أهمية بالغة، نهى المسلمين عن أدنى مراتب الظلم والجور، فقال تعالى: {لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ}البقرة:279؛ لأن الظالم والمظلوم مسؤولان في الآخرة عن أعمالهما
بقدر ما أولى القرآن الكريم مفهوم العدالة من أهمية بالغة، نهى المسلمين عن أدنى مراتب الظلم والجور، فقال تعالى: ﴿لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾البقرة:279؛ لأن الظالم والمظلوم مسؤولان في الآخرة عن أعمالهما حينما يقفان أمام الباري عزّ وجلّ، فقال تعالى في هذا الخصوص: ﴿إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾الأنعام:21، و﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾البقرة:194.
وعليه، فلا بدّ لنا من تسليط الضوء على معنى مفردة "الظلم" المضادّة لكلمة "العدل".
معنى الظلم
الظلم في اللغة بمعنى الظلام والشقّ الحاصل في الأرض، كما أنه يعني "وضع الشيء في غير موضعه".
وقال الراغب في الظلم: "والظلم يقال في مجاوزة الحقّ الذي يجري مجرى نقطة الدائرة، ويقال فيما يكثر وفيما يقلّ من التجاوز؛ ولهذا يستعمل في الذنب الكبير وفى الذنب الصغير؛ ولذلك قيل لآدم في تعديه: ظالم، وفى إبليس: ظالم، وإن كان بين الظالمين بون بعيد".
وقال ابن فارس في معنى الظلم: "الظاء واللام والميم أصلان صحيحان، أحدهما خلاف الضياء والنور، والآخر وضع الشيء غير موضعه تعدياً".
وقال مؤلفو "الموسوعة الفقهية" في هذا المجال: "الظلم يعني الجور وتجاوز الحدّ، وهو عند أهل اللغة وكثير من العلماء وضع الشيء في غير موضعه، وفسّر هؤلاء الظلم في الشرع بالتعدّي من الحقّ الى الباطل".
أقسام الظلم
أما من وجهة النظر القرآنية فمردّ الظلم الى ثلاثة أقسام:
الأول: ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه الكفر والشرك والنفاق؛ ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾لقمان:13. وقال: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾هود:18+19.
الثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾الشورى:40.
وقوله: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾الشورى:42.
الثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾فاطر:32. وقوله:﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾النمل:44.
وكلّ هذه الأقسام الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس، فإن الإنسان في أول ما يهمّ بالظلم فقد ظلم نفسه؛ ولذا قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾البقرة:57.
إذن، للظلم في مفهومه الإسلامي أبعاد واسعة جداً؛ فهو يشمل العلاقة بين الإنسان والله تعالى، وعلاقته بالناس وبنفسه، بالإضافة إلى العلاقة بين الأمم والشعوب المختلفة. وكلا المعنيين اللغويين للظلم - الظلمة في مقابل النور، ووضع الشيء في غير موضعه - يصدقان على الموارد المذكورة.
للظلم مفهوم واسع
ومن هنا، فالظلم ذو مفهوم أوسع من التجاوز والاعتداء؛ إذ يشمل كلّ نوعٍ من الأعمال التي تضيع حقاً من الحقوق بنحو من الأنحاء. فالظلم والعدل وجهان مختلفان للتعاطي مع الحقّ؛ لأنّ كلّ علاقة تنطوي على الحقّ، فمراعاتها هي العدل وانتهاكها عبارة عن الظلم.
هذا، وقد تطرقت عُشر الآيات القرآنية إلى موضوع الظلم بصورة مباشرة وغير مباشرة، فوردت مفردة "الظلم" ومشتقاتها في أكثر من (290) آية قـــــرآنية، وتناول زهاء (350) آية الحديث في هذا المجال بصورة صريحة ومباشرة.
آثار الظلم
كما أن القرآن الكريم كشف للإنسان في أكثر من آية قرآنية بأنّ لكلّ نوع من الظلم انعكاساً على الظالم أو المظلوم، وأنّ قبول الظلم والخنوع له من الكبائر كالقيام بعملية الظلم، وأنّ سبيل الظلم هو سبيل الهلاك، وانّ الظلم والجور في نهاية المطاف يقضي على القيم البشرية، ويحرم الأمم والشعوب من مكتسبات حضارتها وثقافتها، ويغلق على الانسان طريق الإنابة والعودة، ولا شيء بوسعه سدّ الفراغ الحاصل من الظلم، وأنّ الله تبارك وتعالى لا يظلم عباده قطّ، وإنما الانسان هو الذي يهيء الأرضية بعمله لظلم نفسه، وسيأتي اليوم الذي لا يوجد فيه أثر للظلم والجور، وأنّ الله منزّه عن أي لون من ألوان الظلم لعباده.
كما أكد القرآن الكريم على أنّ التعرض للظلم من وسائل الدفاع المشروع، وأنّ النصر لن يكون حليف الظالمين أبداً، وأنّ الاعتداء على الظالمين من موارد الاعتداء المشروع، وأنّه لا ناصر ولا معين للظالمين، وأنّ عاقبتهم عبرة للآخرين، وأنّ الله ليس بغافل عن أعمال الظالمين